تستعينُ الكثير من الحكومات والشركات والمدارس والشبكات العامّة ببرامج لمنع مستخدمي الإنترنت من الوصول إلى بعض المواقع والخدمات، وهو ما يسمى «فلترة» أو «حجب الإنترنت»، وهي صورة من صور الرقابة. وتتجلّى فلترة المحتوى على الإنترنت بأمور عدّة، فتُحجب مواقع بأكملها حينًا وصفحات محدّدة منها حينًا آخر، بل وربما يحظر المحتوى اعتمادًا على كلمات واردة فيه. فمثلاً، هل سبق لك وأن قمت بتنزيل لعبة PUBG ولم تتمكن من تجربتها نظرًا لحظرها سابقًا في الأردن؟ بالنسبة لي نعم، ولكني لم أستسلم وقمت بتشغيل خدمة تقوم بتجاوز الحجب الجغرافي للتطبيقات المحظورة ألا وهي خدمة الـ VPN.
تمنعُ بعض الحكومات والشركات والمدارس والجامعات مستخدمي شبكة الإنترنت لديهم من تصفح مواقع إلكترونية معيّنة، أو ربما تحجب عنهم خدمات التي تتطلب استخدام الإنترنت —مثل الشبكات الاجتماعية— وتعتبر هذه الفلترة مثالاً على الرقابة الالكترونية: فكيف يمكنك تصفّح أي موقع تريده بحرية؟ أو كيف لك أن تتخطى الرقابة وتستطيع الوصول إلى محتوى محجوب في الدولة التي تسكن فيها؟
تخطّي الحجب
يمكنك تخطي الحجب باستخدام ما يُسمَّى الشبكة الافتراضية الخاصة (أي Virtual Private Network أو VPN)، وهي أداةٌ يتصّل المستخدم من خلالها بخادم خارجي دولي فتأخذُ منها عنوان إنترنت IP جديد وتخفي عنوان الإنترنت الحقيقي لديك، وحينها يظهر وكأنك متصّل بالإنترنت من خلال عنوان الإنترنت لدولة أخرى وبالتالي تتصلُ بالشبكة عبر مزود خدمة الإنترنت ومن خلالها تتصلُ بالخادم الخارجي.
تعتمد الـVPN على تشفير اتصالاتك عن طريق مجموعة من الخطوات تتم من خلال تطبيق الـVPN واتصاله مع خادم الـVPN الخاص به، عن طريق عدة خطوات، كما يلي:
يُشفِّرُ برنامج VPN على حاسوبك (أو جهازك الخلوي) حركة بياناتك ويرسلها إلى خادم VPN عبر اتصال آمن. لا يمكن لأحد ليس لديه مفاتيح فك التشفير أن يعرف محتوى هذا الاتصال.
- يفكُ خادم VPN تشفير البيانات من حاسوبك (أو جهازك الخلوي).
- يرسل خادم VPN بياناتك على الإنترنت ويتلقى ردًّا عليها، فهو مخصّص لك.
- يُشفّر خادم VPN حركة المرور مرة أخرى ويرسلها إليك.
- يفكُ برنامج VPN على جهازك تشفير البيانات حتى تفهمها وتستخدمها.
اختيار برنامج VPN
وكثيرًا ما يسألني الناس عن كيف يمكنهم أن يختاروا VPN مناسب، وهناك ثلاثة مبادئ أساسية برأيي يجب أن يأخذها المستخدم بعين الاعتبار عند تنزيل برنامج VPN، فليس كل برامج الـVPN سواء، بل بعضها —خاصة المجانية منها— قد تسبّب لك أضرارًا من ناحية الأمان الرقمي كما سأوضّح لاحقًا. أما بالنسبة لهذه المبادئ الثلاثة الضرورية فهي؛
أولاً: أن يكون مفتوح المصدر،
وثانيًا: أن يحفظ قوانين الخصوصية،
وثالثًا: أن يسمح بالاتصال بخادم البلد الأسرع أو الأنسب لك.
هناك عدة تطبيقات VPN سُمعتها جيّدة، وأشجع الجميع أن يبحث عن تطبيق يضمن المبادئ أعلاه وتتوافق مع متطلباته الخاصة، ابتعد عن تطبيقات الـVPN المشبوهة أو تلك التي لا يمكن أن تتحقق منها. بشكل عام، إذا سألتني عن برامج الـVPN التي قد أنصح بها فهناك Proton VPN وPsiphon، ويمكن تنزيل هذين البرنامجين مباشرة من متجر التطبيقات في جهازك أو من الروابط التالية:
https://psiphon3.com/ar/download.html
https://protonvpn.com/download
فوائد الـVPN
هل تخطي الرقابة الإلكترونية هو الاستخدام الوحيد للـVPN؟ بالطبع لا، من ميزاته الإضافية ما يلي:
- ستتمتَّع مع الـVPN بتجربة أفضل في ألعاب الإنترنت لأنه يحميك من حظر عنوان الإنترنت وهجمات الحرمان من الخدمة DDOS، كما يمنحك إمكانية الوصول إلى ألعاب الفيديو المحظورة في منطقتك —كحال لعبة PUBG في الأردن سابقًا— أو تلك التي لا تعمل إلا في مناطق جغرافية معينة.
- تضمنُ حين تستخدم الـVPN أن تبقى أكثر أمانًا عند تنزيل ملفات التورنت (Torrent)؛ أي تلك الملفات التي تتم مشاركتها عبر الانترنت بين المستخدمين من مستخدم لآخر أو ما يدعى بـ «Peer to peer» والذي يحمّل فيه مستخدم الملف وبنفس الوقت يرفعه لمستخدمين آخرين. نظرًا لأن موفر خدمة الإنترنت لديك لا يمكنه رؤية ما تفعله، كما أن الأشخاص الآخرين الذين يقومون بتحميل نفس الملف لا يمكنهم رؤية عنوان الإنترنت الحقيقي لديك.
- يمكن للـVPN أن يساعدك على تجنّب التمييز في الأسعار عبر الإنترنت (مثل أن تتقاضى شركات الطيران رسومًا أكبر مقابل التذكرة نفسها إذا كنت مقيمًا في منطقة جغرافية ما) نظرًا لأنه يخفي عنوان الإنترنت لديك، ومكان وجودك.
هل هناك مخاطر للـVPN؟
كما ذكرنا سابقًا، ليست كل تطبيقات الـVPN آمنة، هناك بعض المخاطر لبعض الخدمات الـVPN، خاصة المجانية منها أو تلك الموجودة في دول لا تمتلك قوانين قوية للخصوصيّة، فمثلاً، وفقًا لبعض الدراسات فإنّ ٧٥٪ من برامج الـVPN المجاّنية تقوم بتتبع النشاط الإلكتروني للمستخدمين و٣٨٪ من تطبيقات الـVPN تحتوي على برمجيات خبيثة.
ليس هذا فحسب، وجود برمجيات خبيثة: بينما يتم تثبيت 37٪ من تطبيقات VPN بحوالي 500 ألف عملية تثبيت ، فإن 25٪ منها فقط حصل على تصنيف أربع نجوم بينما 38٪ منها يحتوي برمجيات خبيثة.
قد تصل بياناتك إلى شركات آخرى وأطراف ثالثة، فمثلاً، تجمع فيسبوك معلومات حول المستخدمين من خلال تطبيق Onavo VPN المجّاني والذي قام بتثبيته حوالي ٢٤ مليون مستخدم، كما يجمع معلومات حول تطبيقات المستخدمين وأنشطة التصفّح التي يقومون بها.
ليست سلوكيات فيسبوك في تطبيق الـVPN الخاصّ بها هي الوحيدة المشبوهة في عالم الـVPN، فتبيّن أن Hotspot Shield يقوم بإعادة توجيه طلبات ال HTTPS إلى مواقع التجارة الإلكترونية مثل Alibaba وeBay كما تبين بأن Hotspot Shield يقوم بتضمين التتبّع من خلال برنامج الـVPN الخاص بهم والمستخدم على أجهزة الأندرويد.
أما برنامج Hola VPN التابع للكيان الصهيوني تبيّن أنه يسرق الإنترنت الخاص بالمستخدم ثم يقوم بإعادة بيعه —بشكل احتيالي— من خلال تعاونهم مع شركة Luminati. فسِمة الاحتيال والتزوير شائعةٌ في بعض هذه التطبيقات، قد تضعك بعض برامج VPN المجانية في مأزق وذلك بسبب تعاونها مع برامج الطرف الثالث وإعطائها حق الوصول إلى بياناتك.
هل تعلم أننا في الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح (جوسا) نعمل من أجل إنترنت مفتوح وآمن، وندعم تقنيات السلامة الرقمية مفتوحة المصدر، إذا كان لديك أي استفسار عن استخدام الـVPN وباقي أدوات الخصوصية أو تريد المساعدة في ذلك، تواصل معنا عن طريق: https://er.jordanopensource.org/#get-help